بادئ ذی بدء، تهدف هذه الورقة إلى دراسة مفهوم وماهیة الحیاد فی الفلسفة السیاسیة الإسلامیة. ومسألة الحیاد وإن کانت تتناقض مع مفهوم الحکومة الدینیة التی تنادی بتطبیق تعالیم دین خاص وتشکّل الوجه الثانی لعملة واحدة، إلّا أنّ بالإمکان دراسة هذا المفهوم فی الفلسفة السیاسیة الإسلامیة من أوجه عدّة. أحدها وجود أقلیات مختلفة فی بطن المجتمع السیاسی لها حق المواطنة وتطالب الدولة بالمساواة والحیادیة فی التعامل مع جمیع المواطنین. من جهة ثانیة، فإنّ أسلوب مواجهة الفلسفة السیاسیة الإسلامیة للتحدیات التی تفضی إلى موضوع الحیاد فی البلدان الغربیة یمکن أن یکشف بشکل أوضح عن نقاط القوة والضعف فی هذه الفلسفة. وهو ما ستناقشه الکاتبة من زاویة الفلسفة المتعالیة. وبناءً علیه تقوم بدراسة وتحلیل آراء مفکری الفلسفة المتعالیة التی یمکن أن تساعد فی إضاءة مبحث الحیاد. یشکّل مفهوم الحق والخیر، ونظریة التحدید الذاتی للإنسان، والحدیث عن التشکیلات السیاسیة فی المجتمع أهم محاور مبحث الحیاد فی الفکر السیاسی الغربی. بینما ستترکز مباحث الفلسفة المتعالیة على محاور من قبیل طبیعة النظرة إلى الإنسان والمجتمع والدین والوجود. لذا فأهم قضیة فی هذا المقال هی: ما هی الآراء التی یطرحها مبحث الحیادیة السیاسیة؟ وکیف یمکن التعامل مع هذه القضیة من منظار الفلسفة السیاسیة الإسلامیة؟